الأحد 19 ربيع الآخر 1447 هـ || الموافق 12 أكتوبر 2025 م


قائمة الأقسام   ||    مختصر المنتقى من الفتاوى وزياداته    ||    عدد المشاهدات: 9633

سبب نزول ومعنى قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا"

بقلم الدكتور: صادق بن محمد البيضاني 


س 234: ما سبب نزول قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا"؟


ج 234: لا يصح في سبب نزولها شيء، وقد رُوي أنها نزلت في عثمان بن طلحة، قبض النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، فدخل الكعبة يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح، وقال: "خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله، لا ينزعها منكم إلا ظالم" أخرجه الواحدي في أسباب نزول القرآن مرسلاً عن مجاهد بإسناد ضعيف جداً، وفيه عدة علل، الأولى: سعيد بن سالم القداح ضعيف وحديثه في الاعتبارات، والعلة الثانية: ابن جريج مدلس لم يصرح بالتحديث، والعلة الثالثة: علة الارسال.

ثم ساق له الواحدي متابعة حيث تابع بمثله شيبة بن عثمان بن أبي طلحة مجاهداً، لكن شيبة أرسله، وهذه العلة الأولى في هذه المتابعة، والعلة الثانية: معل بمصعب بن شيبة، وهو ضعيف يروي بالمناكير.

وقد قال المؤرخون: بنو أبي طلحة - الذين يلون سدانة الكعبة - من بني عبد الدار.

وثبت في معنى هذه الآية ما أخرجه أبو داود في سننه وابن خزيمة في كتاب التوحيد والحاكم في المستدرك وغيرهم عن أبي هريرة في قوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا" قال أبو هريرة: "رأيت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يضع إبهامه على أذنه وأصبعه التي تليها على عينه".

ووضعهُ أصبعه على أذنيهِ وعينيهِ إشارة إلى إثبات صفة السمع والبصر للَّه على ما يليق بجلاله سبحانه، فله سمع وبصر ليس كسمعنا ولا بصرنا، كما قال تعالى: "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".

قال ابن أبي العزّ في "شرح العقيدة الطحاوية" (1 / 57) : "اتفق أهل السنة على أَنَّ اللَّه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ولكن لفظ التشبيه قد صار في كلام الناس لفظا مجملا يراد به المعنى الصحيح وهو ما نفاه عنه القرآن ودل عليه العقل من أَنَّ خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء من المخلوقات ولا يماثله شيء من المخلوفات في شيء من صفاته، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) رد على الممثلة المشبهة،... (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) رد على النفاة المعطلة، فمن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم ومن جعل صفات المخلوق مثل صفات الخالق فهو نظير النصارى في كفرهم" اهـ، وبالله التوفيق.




اقرأ أيضا



للتواصل معنا

فايس واتساب تويتر تلغرام